داءُ السل
داءُ السل هو مرض جرثومي تسبِّبه جرثومة تدعى "المُتَفَطِّرة السِّلية"، حيث تهاجم هذه الجراثيم الرئتين عادةً، لكن بمقدورها أن تسبب الأذى لأجزاء أخرى من الجسم. ينتقل داء السل في
قد تتضمَّن أعراض داء السل الرئوي:
• سعالاً حاداً يستمر لمدة ثلاثة أسابيع أو أكثر.
• نقص الوزن.
• خروج الدم والمخاط مع السعال.
• الضعف أو التعب.
• الحمَّى والقشعريرة.
• التعرُّق الليلي.
إذا لم يعالج المصاب بشكل صحيح، فقد يصبح داء السل مميتاً، ويمكن أن يشفى المصاب من داء السل الفعَّال بتناول عدد من الأدوية لفترة طويلة من الزمن. أمَّا الأشخاصُ المصابون بداء السل الكامن، فيمكن أن يتناولوا الدواء بحيث لا يتطوَّر الداءُ الكامن إلى سل نشيط أو فعَّال.
مقدمة
السلُّ هو عدوى جرثومية تسبِّب من الوفيات في العالم أكثر ممَّا تسبِّبه أي عدوى أخرى. وهناك نحو بليونين من المصابين بالسل في العالم.
حين يصبح السل فعَّالاً، فإنه يقتل 60% من المرضى غير المعالجين. وهذا ما يعادل ثلاثة ملايين وفاة في العالم سنوياً.
يوجد علاج يشفي من السل؛ فإذا عولج مرضى السل، فإنَّ 90% من المصابين بالسل الفعَّال سينجون من الموت بإذن الله.
يتناول هذا البرنامج التثقيفي نوعين من السل: السل الكامن والسل الفعَّال. ويناقش البرنامج مواضيع تشخيص مرض السل ومعالجته والوقاية منه.
أسباب السل
السل هو عدوى ناجمة عن جرثومة تُدعى المتفطِّرة السلية؛ كما تُسمَّى عصيَّة السل أيضاً.
ينتقل السل من شخص إلى آخر عبر الهواء، وذلك حين يقوم الشخص الذي لديه سلٌّ فعَّال بالسُّعال أو العُطاس أو بزفر الهواء.
بعد أن يُصابَ الشخص بالعدوى، يسيطر جهازُه المناعي على جراثيم السل، فتصبح العدوى كامنة، أو مُطَوَّقة. وحين تنتشر الجراثيم تصبح العدوى فعَّالة.
ونظراً إلى أنَّ معظم الناس المصابين لا ينفثون إلا عدداً قليلاً من العصيات مع هواء الزفير، فإنَّ انتقالَ السل لا يحدث عادة إلاَّ بعد شهر أو شهرين من مخالطة شخص مصاب بالسل الفعال. وتعدُّ التهوية الجيدة هي الإجراء الأهم للوقاية من انتقال مرض السل.
لا ينتقل السل عادة عبر الأشياء الشخصية للمصابين بالسل، مثل الملابس أو أغطية السرير أو غيرها من الأشياء التي يلمسونها.
العدوى الفعالة والعدوى الكامنة
حين يتنفس المرءُ الهواءَ الملوَّث، تدخل العصيات إلى الرئتين عبر القصيبات الهوائية.
في نهاية القصيبات توجد الأسناخ. والأسناخُ أو الحويصلات الهوائية هي أكياس صغيرة تشبه البالونات يجري فيها تبادل الغازات، حيث يأخذ الدم الأكسجين من الهواء المستنشق، ويطرح ثنائي أكسيد الكربون إلى هواء الزفير.
تصيب عصيَّات السل الأسناخَ بالعدوى. ويقوم الجهاز المناعي للشخص بمحاربة العصيات. توجد في الجهاز المناعي خلايا دموية خاصَّة تتعرَّف إلى المواد الغريبة وتدمِّرها، ويشمل ذلك الفيروسات والجراثيم. وتُدعى هذه الخلايا بالكريَّات البيض.
وهناك خلايا دموية بيضاء خاصَّة تدعى البالعات أو البلاعم، تهاجم جراثيم السل. والكثيرُ من هذه الجراثيم يموت.
ولدى جرثومة السل جدارٌ مكوَّن من مادة شمعية مركَّبة. وهذا الجدارُ يحمي بعض الجراثيم داخل البالعات!
وهناك خلايا خاصَّة في الجهاز المناعي تطوِّق البالعات المصابة بالعدوى وتفصلها. والكتلةُ الناجمة عن البالعات المصابة بالعدوى والمطوَّقة تكون على شكل عقد صغيرة رمادية قاسية تُدعى درنات.
إذا كان الشخص الذي أصابته الجراثيم يعاني من ضعف في صحته، ولاسيَّما إذا كان جهازه المناعي ضعيفاً، فقد تتمكَّن العصيات من التغلُّب على جهازه المناعي. ويمكن أن تخرج العصيات من الدرنات إلى الأسناخ وتنتشر إلى الرئتين وغيرهما من أجزاء الجسم عبر الدم. وتسمَّى هذه الحالة السلَّ الفعَّال.
أمَّا إذا كان الشخصُ الذي وصلته العدوى سليماً معافى، فإنَّ جهازه المناعي يسيطر على عدوى السل الأوَّلية. وقد تبقى عصيات السل مقيَّدةً في الدرنات عدَّة سنوات. وهذا ما يسمَّى السلَّ الكامن. وكلمة "كامن" تعني نائم أو هاجع.
يشفى 90% من الناس المصابين بالعدوى تماماً بعد العدوى الأوَّلية. ويترسَّب الكلس في الدرنات، ممَّا يمنع العصيات من الخروج منها ثانية.
وعند 10% من الناس المصابين بالعدوى، تصبح العصيات نشيطة داخل الدرنات في وقت لاحق من حياتهم، حين يضعف جهازهم المناعي. وهذا ما يسمَّى بالسل الفعَّال.
أعراض السل
تنتشر عصيَّاتُ السل الفعَّال من الأسناخ (الحويصلات الهوائية) عبر الدم أو الجهاز اللمفاوي. ويمكن أن تغزو مناطق أخرى من الجسم، مثل الجلد أو الكليتين أو العظام أو الجهاز التناسلي أو الجهاز البولي.
وفي هذه الأماكن الجديدة يقتل الجهازُ المناعي الكثيرَ من العصيات، ولكنَّ ذلك يترافق أيضاً بموت الخلايا المناعية وبموت نسيج المنطقة المصابة أيضاً. تشكِّل الخلايا الميتة كتلاً تدعى الأورام الحبيبية، حيث يمكن للعصيات أن تبقى حيةً، ولكنَّها لا تنمو ولا تتكاثر.
الأعراض الأولى للسل الفعَّال هي:
نقص الوزن.
الحمَّى.
التعرُّق الليلي.
نقص الشهية.
قد تكون هذه الأعراض خفيفة عند بعض مرضى السل، وقد لا تظهر على بعض مرضى السل أيَّة أعراض.
ومع تلف المزيد من نسيج الرئة، وانتشار الأورام الحبيبية، تتشكَّل كهوف في الرئتين. ويمكن لهذه الكهوف أن تنفتحَ على المسالك الهوائية الكبيرة في الرئتين، وهذا ما يسمح لأعداد كبيرة من العصيات بالانتشار حين يسعل المريض.
ويزداد حجمُ الأورام الحبيبية في الرئتين، وقد تسبِّب المزيدَ من السعال وضيق النفس، مع إتلافها للمزيد من النسيج الرئوي.
كما يمكن أن تلتهم الأورام الحبيبية الأوعيةَ الدموية أيضاً، فتسبِّب نزفاً في الرئتين ينتج عنه خروج الدم مع البلغم.
أما أعراض السل الذي يغزو مناطق أخرى غير الرئتين، فتتنوَّع حسب العضو المصاب؛ فمثلاً، حين يصيب السل العمود الفقري، فإنَّه يسبب آلاماً شديدة أو تشوُّهات في الظهر.
تشخيص السل
يمكن التحرِّي عن السل الكامن أو العدوى الأولية عن طريق اختبار للجلد يُسمَّى اختبار مانتو؛ حيث يستطيع هذا الاختبار عندَ معظم الناس أن يحدِّد ما إذا كانوا قد تعرَّضوا لعصيات السل بعد 6-8 أسابيع من التعرض الأوَّلي له.
تُحقَن مادَّة تدعى بي بي دي PPD تحت جلد الساعد، وتفحص بعد 48-72 ساعة. إذا تشكلت بقعة حمراء ناتئة حول مكان الحقن، فقد يكون الشخص مصاباً بعصيات السل، ولكن دون أن يكون المرض فعالاً بالضرورة.
ويمكن لاختبار دم يُدعى كوانتي فيرون-تي بي QuantiFERON® -TB أن يظهر أيضاً ما إذا كان الشخصُ قد تعرَّض لعصيات السل أو أُصيبَ بها.
لتشخيص السل الفعَّال، يعتمد الطبيبُ على الأعراض، وعلى قصة تعرُّض المريض لعدوى السل، وعلى صورة شعاعية بسيطة للصدر تعطي دليلاً على وجود عدوى السل، ويكون ذلك عادة على شكل كهوف أو آفاات في الرئتين.
كما يأخذ الطبيبُ عيِّنات من البلغم وعينات أخرى، ويرسلها إلى اختصاصي علم الأمراض لفحصها. ومن المهم أن يتعرَّف الطبيب إلى نمط جرثومة السل المسبِّبة للسل حتى يستطيعَ وصفَ الدواء الناجع.
علاج السل
يمكن أن يكونَ السلُّ الفعَّال قاتلاً إذا لم يُعالج، فهو يقتل ما يصل إلى 60% من المرضى.
إذا عولج السل، فمن الممكن الشفاءُ منه عند 90% من المرضى.
يعتمد العلاج الناجح للسل على التعاون بين المريض والطبيب. كما أنَّ تثقيفَ المريض أمر مهمٌّ جداً. ويفضِّل الكثيرُ من الأطبَّاء إدخال المريض إلى المستشفى لمراقبته في أثناء العلاج.
يتألَّف هذا العلاج من تناول أكثر من دواء واحد لعدَّة أشهر! وفيما يلي بعض الأدوية المستخدمة لمعالجة السل:
إيزونيازيد (INH®).
ريفامبين (من أسمائه التجارية: ريفادين®).
إيتامبوتول (الاسم التجاري: ميامبوتول®).
بيرازيناميد.
قد يكون لبعض هذه الأدوية آثار جانبية خطيرة، وبعضها يجب ألاَّ يُشارَك مع أدوية أخرى (تناول الكحول خطير جداً مع هذه الأدوية). لذلك من المهم جداً تناول هذه الأدوية تحت إشراف الطبيب، مع التقيُّد بتعليماته واقتراحاته.
بعد تناول المصاب بالسل للعلاج مدة أسبوعين على الأقل، يصبح المصاب غير معدٍٍ عادة.
إن المرضى الذين لا يتناولون أدويتهم حسب الأوقات أو المدَّة التي وصفها لهم الطبيب، يعطون الجراثيم الفرصة لأن تصبحَ مقاومة للعلاج. لذلك من المهم جداً أن يلتزمَ المريضُ بتعليمات الطبيب.
الوقاية من السل
الوقاية أفضل من العلاج، كما هي الحالُ في معظم الأمراض المعدية. والوقايةُ من السل سهلة جداً؛ فإذا غطَّى المصابون أفواههم وأنوفهم عند السعال والعطاس، يمكن منع انتقال السل أيضاً.
يعدُّ التشخيصُ المبكر والمعالجة بالأدوية من أكثر الطرق فعالية لمنع انتشار السل.
يمكن لعقار الإيزونيازيد أن يقي من السل، ويجب أن يُعطَى للناس الذين:
لديهم سل كامن.
خالطوا المصابين بالسل.
سافروا إلى بلدان ينتشر فيها السل.
هم معرَّضون لخطر الإصابة بالسل.
لقاح السل
يُدعى لقاح السل باسم "بي سي جي". وهذا اللقاحُ يقي من انتشار عصيات السل في الجسم، لكنَّه لا يقي من العدوى الأولية. وينصح بإعطائه للأطفال في المناطق التي يشيع فيها السل.
لا ينصح بالاستعمال العام للقاح بي سي جي في بعض البلدان.
الخلاصة
السلُّ هو عدوى جرثومية يمكن أن تكونَ مميتة. ويستطيع الجهازُ المناعي للجسم عادة أن يواجهَ العدوى ويحاصرها بنجاح.
حين يكون الجهاز المناعي ضعيفاً، يمكن أن تنشط عصيات السل النائمة، فتنتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم. وهذا ما يسمَّى السلَّ الفعَّال.
مع تقدُّم الطب، يتوفر اليوم علاج للسل الفعال. ولكن، من المهمِّ جداً أن يلتزم المريض بالعلاج وفق تعليمات الطبيب.
يمكن الوقاية من السل من خلال تدابير الصحَّة العامة، مثل التهوية الجيدة وتغطية الفم عند السعال.
يوجد لقاح لبعض الأطفال، ويوصى به لمن يعيشون في المناطق التي تنتشر فيها الإصابةُ بالسل
0 Comments: